متن، ص : ١٤٨
[سورة التوبة (٩) : آية ٨٧]
رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٨٧)
[و قوله سبحانه «١»] : رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ [٨٧]. [الخوالف النساء «٢»] المقيمات فى دار الحي بعد رحيل الرجال. وإنما سمى النساء خوالف تشبيها لهن بالخوالف، التي واحدتهن خالفة، وهى الأعمدة تكون فى أواخر بيوت الحي المضروبة.
فشبّههنّ - لكثرة لزوم البيوت - بالخوالف التي تكون فى البيوت.
وقد قيل إن الخوالف أيضا زوايا البيوت، واحدتها خالفة. والمعنى واحد. وقد يجوز أن يكون المراد بقوله تعالى : رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ حقيقة الخوالف التي هى أعمدة البيوت. أي رضوا بأن يكونوا فى بيوتهم، فيكونوا - بالملازمة لها - كخوالفها وأعمدتها.
وقد يجوز أيضا أن يكون الخوالف هاهنا جمع فرقة خالفة. وهى الجماعة التي تقعد عن الغزو، كالشيوخ، والنساء، وذوى العاهات، والولدان. ومما يقوى ذلك قوله تعالى أمام هذا الكلام : فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ [٨٣].
وكنت سمعت شيخنا أبا الفتح عثمان بن جنى «٣» النحوي - رحمه اللّه - يقول ذلك، ويذهب إلى مثله أيضا فى قوله سبحانه : وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ «٤».
ويقول : هى جمع فرقة كافرة. إلا أن الكلام يكون على القول الأول استعارة. ويكون على هذا القول حقيقة.
(٢) هذا السطر ممحو، وقد استظهرناه من السياق الذي يفسر الخوالف بالنساء المقيمات فى دار الحي. [.....]
(٣) أبو الفتح عثمان بن جنى إمام من أئمة النحو. وقد اشتهر بشرحه لديوان المتنبي، وبكتابه «الخصائص» فى اللغة وهو مشهور. وكان المتنبي يقول : ابن جنى أعرف بشعرى منى، وقد كان ابن جنى أستاذا للشريف الرضى، ونقل هذا عنه كثيرا فى كتابه «المجازات النبوية». توفى سنة ٣٩٢ ه.
(٤) سورة الممتحنة آية رقم ١٠.