متن، ص : ١٦١
لهم من رحمته، لكفرهم وذهابهم عن أمره. ومن الشاهد على ذلك قوله تعالى :«١» فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. أي خيبة من الرحمة، وارتكاسا فى النقمة. وقد جاء لفظ الإغواء والمراد به التخييب فى كثير من منثور كلامهم، ومنظوم أشعارهم.
ويجوز أن يكون الإغواء هاهنا بمعنى الإهلاك لهم. ويجوز أن يكون بمعنى الحكم بالغواية عليهم.
[سورة هود (١١) : آية ٣٧]
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧)
وقوله سبحانه : وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا [٣٧]. وهذه استعارة.
ومعناها : واصنع الفلك بأمرنا، ونحن نرعاك ونحفظك. ليس أنّ هناك عينا تلحظ، ولا لسانا يلفظ. وذلك كما يقول القائل : أنا بعين اللّه. أي بمكان من حفظ اللّه. ومن كلامهم للظّاعن المشيّع والحميم المودّع : صحبتك عين اللّه. أي رعاية اللّه وحفظه.
[سورة هود (١١) : آية ٤٤]
وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤)
وقوله سبحانه : وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي، وَغِيضَ الْماءُ، وَقُضِيَ الْأَمْرُ [٤٤]. الآية. وهذه استعارة. لأن الأرض والسماء لا يصح أن تؤمرا وتخاطبا. لأن الأمر والخطاب لا يكونان إلا لمن يعقل، ولا يتوجهان إلا لمن يعى ويفهم.
فالمراد إذن بذلك : الإخبار عن عظيم قدرة اللّه سبحانه، وسرعة مضى أمره، ونفاذ تدبيره.
نحو قوله : إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «٢».
وهذا إخبار عن وقوع أوامره من غير معاناة ولا كلفة، ولا لغوب ولا مشقة.
(٢) سورة النحل. آية رقم ٤٠.