متن، ص : ١٧٧
ومن عجيب أحواله أنه أيضا مع ما ذكرنا من تثاقل أردافه، وتعاظل «١» التفافه ينفشّ «٢» انفشاش الهباء المتداعى، والغثاء المتلاشى. إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار.
ومعنى تسبيح الرعد بحمده سبحانه : دلالته على أفعاله التي يستحق بها الحمد، كما يقول القائل : هذه الدار تنطق بفناء أهلها. أي تدل على ذلك بخلاء ربوعها، وتهدّم عروشها.
وقد يجوز أن يكون معنى : وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ أن الرعد يضطر الناس إلى تسبيح اللّه سبحانه عند سماعه، فحسن وصفه بالتسبيح لأجل ذلك، إذ كان هو السبب فيه. وهذا معروف فى كلامهم.
[سورة الرعد (١٣) : آية ١٥]
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥)
وقوله تعالى وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً، وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ [١٥]. وهذه استعارة. لأن أصل السجود فى اللغة الخضوع والتذلل.
إمّا باللسان الناطق عن الجملة أو بآثار الصنعة وعجائب الخلقة. ثم نقل فصار اسما لهذا العمل المخصوص الذي هو من أركان الصلاة، لأنه يدل على تذلّل الساجد لخالقه، بتطامن شخصه، وانحناء ظهره. وقد ذكر فى بعض الأخبار أن جدنا جعفر «٣» بن محمد عليهما السلام سئل عن العلة فيما كلف اللّه سبحانه من أعمال الصلاة وسائر العبادات، فقال : أراد اللّه
(٢) انفش : أي سكن ولان بعد شدة.
(٣) جعفر بن محمد هو أبو عبد اللّه جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين رضى اللّه عنهم. وهو سادس الأئمة الاثني عشر. وكان واسع العلم، أخذ عنه أبو حنيفة ومالك وجابر بن حيان.
ولقب بالصادق لأنه لم يعهد عليه كذبة قط. توفى سنة ١٤٨ ه بالمدينة.