متن، ص : ١٩١
والعمر هاهنا هو العمر. ومعناه الحياة.
وكنت أستحسن هذا القول منه جدا، وله نظائر كنت أسمعها منه عند قراءتى عليه.
وكان - عفا اللّه عنه - كثير الاستنباط للخبايا، والاستطلاع للخفايا.
[سورة النحل (١٦) : آية ٧]
وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧)
وقوله سبحانه : إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ [٧] وهذه استعارة على أحد التأويلين. وهو أن يكون المعنى : أنكم لا تبلغون هذا البلد إلا بأنصاف أنفسكم، من عظم المشقة، وبعد الشقة، لأن الشق أحد قسمى الشيء. ومنه قولهم : شقيق النفس أي قسيمها، فكأنه من الامتزاج بها شق منها. وعلى ذلك قول الشاعر «١» :
من بنى عامر لها نصف قلبى قسمة مثلما يشقّ الرّداء
فأما من حمل قوله تعالى : إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ على أن معناه المشقة والنصب والكد والدأب، كان الكلام على قوله حقيقة، وخرج عن حد الاستعارة. فكأنه سبحانه قال :
إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بمشقة الأنفس.
[سورة النحل (١٦) : آية ٩]
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (٩)
وقوله سبحانه : وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ [٩] وهذه استعارة. لأن الجائر هو الضال نفسه. يقال : جار عن الطريق. إذا ضل عن نهجه، وخرج عن سمته. ولكنهم لما قالوا : طريق قاصد. أي مقصد فيه، جاز أن يقولوا : طريق جائر أي يجار فيه.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]
لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٢٥) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٦)
وقوله سبحانه : لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ [٢٥]. وهذه استعارة لأن الأوزار على الحقيقة هى الأثقال، واحدها وزر. والمراد بها هاهنا : الخطايا والآثام، لأنها تجرى مجرى الأثقال التي تقطع المتون، وتنقض الظهور.
وفى معنى ذلك قولهم : فلان خفيف الظهر. إذا وصفوه بقلة العدد والعيال، أو بقلة الذنوب والآثام.