متن، ص : ٢٠١
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٤٦ الى ٤٧]
وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (٤٦) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٤٧)
وقوله سبحانه : وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ، وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً [٤٦]. وهذه استعارة. لأنه ليس هناك على الحقيقة كنان على قلب، ولا وقر فى سمع. وإنما المراد أنهم - لاستثقالهم سماع القرآن عند أمر اللّه سبحانه نبيه عليه السلام بتلاوته على أسماعهم وإفراغه فى آذانهم - كالذين على قلوبهم أكنّة دون علمه، وفى آذانهم وقر دون فهمه، وإن كانوا من قبل نفوسهم أتوا، وبسوء اختيارهم أخذوا. ولو لم يكن الأمر كذلك لما ذمّوا على اطراحه، ولعذروا بالإضراب عن استماعه.
وقوله سبحانه : نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ، إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى [٤٧] وهذه استعارة لأن النّجوى مصدر كالتقوى. وإنما وصفوا بالمصدر، لما فى هذه الصفة من المبالغة فى ذكر ما هم عليه، من كثرة تناجيهم، وأسرار المكايد بينهم. والصفة بالمصادر تدلّ على قوة الشيء الموصوف بذلك. مثل قولهم : رجل رضا، وقوم عدل. وما يجرى هذا المجرى.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٥٩]
وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (٥٩)
وقوله سبحانه : وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً [٥٩]. وهذه استعارة. والمعنى :
جعلنا الناقة آية مبصرة. أي مبصرة للعاشى «١». ومذكّرة للناسى، ومظنة لاعتبار المعتبر، وتفكر المفكر. لأن من عجائب تلك الناقة تمخض الصخرة بها من غير حمل بطن، ولا فرع فحل. وأنها كانت تقاسم ثمود الورد، فلها يوم ولثمود يوم.
قال سبحانه : لَها شِرْبٌ، وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ «٢» فإذا كان يومها
(٢) سورة الشعراء الآية رقم ١٥٥.