متن، ص : ٢٠٢
شربت فيه الماء، مثلما كانت ثمود تأخذ أشقاصها «١» وزروعها، وأصرامها «٢» وشروبها. وهذا من صوادح العبر، وقوارع النذر.
وقال بعضهم : يجوز أن يكون معنى مبصرة هاهنا أي ذات إبصار. والتأويلان يؤولان إلى معنى واحد.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٦٢]
قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (٦٢)
وقوله سبحانه عن إبليس : لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا [٦٢] وهذه استعارة على بعض التأويلات فى هذه الآية. وهو أن يكون الاحتناك هاهنا افتعالا من الحنك. أي لأقودنهم إلى المعاصي، كما تقاد الدابة بحنكها، غير ممتنعة على قائدها. وهى عبارة عن الاستيلاء عليهم، والملكة لتصرفهم، كما يملك الفارس تصرّف فرسه، بثني العنان تارة، وبكبح اللجام مرة.
وقال يعقوب «٣» فى «إصلاح المنطق» :[يقال : حنك الدابة يحنكها حنكا، إذا شدّ فى حنكها الأسفل حبلا يقودها به. وقد احتنك الدابة «٤» مثل حنكها] إذا فعل بها ذلك.
وقال بعضهم : لأحتنكنّ ذرّيّته. أي لألقينّ فى أحناكهم حلاوة المعاصي، حتى يستلذوها، ويرغبوا فيها ويطلبوها. والقول الأول أحبّ إلىّ.
(٢) الأصرام : جمع صرم بكسر الصاد، وهو الجماعة من الشيء أو من البيوت.
(٣) هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، المعروف بابن السكيت، وكان أبوه من أصحاب الكسائي المشهور فى اللغة والنحو. أما صاحبنا فقد شهد له المؤرخون بالعلم الغزير فى اللغة والشعر والثقة فى الرواية.
وكتابه «إصلاح المنطق» يقول فيه المبرد :«ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن من كتاب يعقوب بن السكيت فى المنطق». توفى سنة ٢٤٤. وقد طبع «إصلاح المنطق» طبعة موثقة بتحقيق الأستاذين أحمد محمد شاكر، وعبد السلام محمد هارون.
(٤) فى «إصلاح المنطق» ص ٨٢ (و قد احتنك دابته).