متن، ص : ٢٠٣
وقال بعضهم : لأستأصلنّ ذريته بالإغواء، ولأستقصينّ إهلاكهم بالإضلال، لأن اتباعهم غيه وطاعتهم أمره يؤولان بهم إلى موارد الهلاك، وعواقب البوار.
وقال الشاعر :
نشكو إليك سنة قد أجحفت واحتنكت أموالنا وجلّفت «١»
أي أهلكت أموالنا.
ويقال : احتنكه إذا استأصله وأهلكه. ومن ذلك قولهم : احتنك الجراد الأرض.
إذا أتى على نبتها.
وقيل أيضا : المراد بذلك لأضيّقن عليهم مجارى الأنفاس من أحناكهم، بإيصال الوسوسة لهم، وتضاعف الإغواء عليهم، ويقال : احتنك فلان فلانا. إذا أخذ بمجرى النفس من حنكه، فكان كالشبا «٢» فى مقلته والشجا «٣» فى مسعله.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٧٨]
أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨)
وقوله سبحانه أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ [٧٨] وهذه استعارة. لأن الدالك : المائل فى كلامهم. فكأنه سبحانه أمر بإقامة الصلاة عند ميل الشمس. فقيل عند ميلها للزوال، وقيل عند ميلها للغرب. والشمس على الحقيقة لا تميل عن موضعها ولا تزول عن مركزها، وإنما تعلو أو تنخفض، وترتفع بارتفاع الفلك وانخفاضه، وسيره وحركاته.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٨١]
وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (٨١)
وقوله سبحانه : وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ، إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [٨١]

(١) ورد هذا الرجز فى «مجازات القرآن» لأبى عبيدة هكذا :
نشكو إليك سنة قد أجحفت جهدا إلى جهد بنا فأضعفت واحتنكت أموالنا وجلفت انظر «مجازات القرآن» لأبى عبيدة. طبعة سامى الخانجى ص ٣٨٤. والرجز كذلك فى «الجامع لأحكام القرآن» ج ١٠ ص ٢٨٧. ولم ينسبه أبو عبيدة ولا القرطبي لقائله.
(٢) الشبا : جمع شباة وهى حد السيف أو قدر ما يقطع به منه.
(٣) فى الأصل السجا بالسين المهملة. ولعله تحريف من الناسخ. فإن الشجا بالشين المعجمة ما يعترض الحلق فيشجى به.


الصفحة التالية
Icon