متن، ص : ٢٠٧
ونشط «١» الأعشاب. ومن ذلك قولهم : سيف جراز. إذا كان يبرى المفاصل، ويقط الضرائب.
وإنما سمّيت تلك الأرض جرزا إذ كانت كأنّها تأكل نبتها، فلا تدع منه نابغة، ولا تترك طالعة. ونظير ذلك قولهم : أرض جدّاء : لا ماء فيها. تشبيها بالناقة التي لا لبن فيها، وهى الجدّاء «٢».
[سورة الكهف (١٨) : آية ١١]
فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١)
وقوله سبحانه : فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً [١١].
وهذه استعارة. لأن المراد بها منع آذانهم من استماع الأصوات، وهمس الحركات.
قال بعضهم : وذلك كالضرب على الكتاب لتشكل حروفه، فتمتنع على القارئ قراءته.
وإنما دلّ تعالى على عدم الإحساس بالضّرب على الآذان، دون الضرب على الأبصار، لأن ذلك أبلغ فى الغرض المقصود، من حيث كانت الأبصار قد يضرب عليها من غير عمى، ولا يبطل إدراك بقية الحواس جملة، وذلك عند تغميض الإنسان عينه. وليس كذلك منع الاستماع من غير صمم، لأنه إذا ضرب عليها من غير صمم بالنوم الذي هو السهو على صفة دل ذلك على عدم الإحساس من كل جارحة يصح بها الإدراك. ولأن الأذن لما كانت طريقا إلى الأنباء ثم ضرب عليها، لم يكن سبيل إلى الانتباه، فبطل استماعهم. وفى هذا القول بعض التخليط.
(٢) الناقة الجداء : هى الصغيرة الثدي، أو المقطوعة الأذن، أو التي ذهب لبنها. انظر الفيروزآباذى مادة «جدد».