متن، ص : ٢١٦
يقارب أن ينقضّ. على التشبيه بحال من يريد أن يفعل فى الباني، لأنه لما ظهرت فيه أمارات الانقضاض، من ميل بعد انتصاب، واضطراب بعد ثبات، حسن أن يطلق عليه إرادة الوقوع، على طريقة الاتساع «١».
وترد فى كلامهم كاد بمعنى أراد، وأراد بمعنى كاد. وجاء فى القرآن العظيم قوله تعالى :
كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ «٢» أي أردنا ليوسف.
وقوله سبحانه : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها «٣» معناه - على أحد الأقوال - أريد أخفيها. ومما ورد فى أشعارهم شاهدا على ذلك قول عمر بن أبى ربيعة :
كادت وكدت، وتلك خير إرادة لو عاد من لهو الصّبابة ما مضى «٤»
فقال : وتلك خير إرادة، والإشارة إلى كادت، وكدت.
وأوضح من هذا قول الأفوه الأودى «٥»
فإن تجمّع أوتاد وأعمدة وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
أي الذي أرادوا.
(٢) سورة يوسف. الآية رقم ٧٦.
(٣) سورة طه. الآية رقم ١٥.
(٤) هذا البيت لم ينسب لقائله فى «شرح شواهد الكشاف» المسمى «تنزيل الآيات، على الشواهد من الأبيات» للعلامة محب الدين أفندى، ولم ينسبه القرطبي لأحد وإنما نقل عن الأنبارى قوله :
وشاهد هذا قول الفصيح من الشعر - انظر «جامع أحكام القرآن» ج ١١ ص ١٨٤.
(٥) هو صلاءة بن عمرو بن مالك. وهو شاعر يمانى جاهلى اشتهر بالسيادة والقيادة. وهذا البيت من قصيدة مشهورة يقول فيها :
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا وقبل بيت الشاهد هذا البيت :
والبيت لا يبتنى إلا له عمد ولا عماد إذا لم ترس أوتاد وقد نسبه صاحب «شواهد الكشاف» للراقدة الأودى، وهو تحريف مطبعى، لأن مثل هذا لا يخفى على العلامة محب الدين.