متن، ص : ٢٢٤
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)
وقوله سبحانه : وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي [٢٧]، [٢٨] وهذه استعارة. والمراد بها إزالة لفف «١» كان فى لسانه، فعبر عنه بالعقدة. وعبر عن مسألة إزالته بحل العقدة، ملاءمة بين النظام، ومناسبة بين الكلام.
وقد يجوز أيضا أن يكون المراد بذلك إزالة التقية عن لسانه وكفايته سطوة فرعون وغواته، حتى يؤدى عن اللّه سبحانه آمنا، ويقول متمكنا، فلا يكون معقود اللسان بالتقية، ومعكوم الفم بالخوف والمراقبة. وذلك كقول القائل : لسان فلان معقود : إذا كان خائفا من الكلام. ولسان فلان منطلق : إذا كان مقداما على المقال.
[سورة طه (٢٠) : آية ٣٩]
أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (٣٩)
وقوله سبحانه : وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي [٣٩]. وفى هذه الآية استعارتان. إحداهما قوله سبحانه : وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وليس المراد أن هناك شيئا يلقى عليه فى الحقيقة، ولكن المعنى أننى جعلتك بحيث لا يراك أحد إلا أحبك، ومال قلبه نحوك، حتى أحبك فرعون وامرأته، فتبنّياك وربّياك، واسترضعا لك، وكفلاك. وهذا كقول القائل : على وجه فلان قبول. وليس هناك على الحقيقة شىء يوما إليه. إلا أن كل ناظر ينظر إليه يقبله، قلبه وتسر به نفسه.
والاستعارة الأخرى قوله سبحانه : وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي والمراد بذلك - واللّه أعلم - أن تتربى بحيث أرعاك وأراك. وليس أن هاهنا شيئا يغيب عن رؤية اللّه سبحانه، ولكن هذا الكلام يفيد الاختصاص بشدة الرعاية، وفرط الحفظ والكلاءة «٢». ولما كان الحافظ للشىء فى الأغلب يديم مراعاته بعينه، جاء تعالى باسم العين بدلا من ذكر الحفظ والحراسة، على طريق المجاز والاستعارة.
(٢) فى الأصل «و الكلاية» والصواب همزها.