متن، ص : ٢٢٥
ويقول العربي لغيره : أنت منى بمرأى ومسمع. يريد بذلك أنه متوفر عليه برعايته، ومنصرف إليه بمراعاته.
[سورة طه (٢٠) : آية ٤١]
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١)
وقوله سبحانه : وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [٤١] وهذه استعارة. والمراد بها : واصطنعتك لتبلغ رسالتى، وتنصرف على إرادتى ومحبتى، وقال بعضهم : معنى لنفسى هاهنا : أي لمحبتى.
وإنما جاز أن يوقع النفس موقع المحبة لأن المحبة أخص شىء بالنفس، فحسن أن تسمى بالنفس. وقد «١» يجوز أن يكون ذلك على معنى قول القائل : اتخذت هذا الغلام لنفسى، أي جعلته خاصا لخدمتى، لا يشاركنى فى استخدامه أحد غيرى. وسواء قال : اتخذته أو اتخذته لنفسى، فى فائدة الاختصاص، ليس أن هناك شيئا يتعلق بالنفس على الحقيقة.
[سورة طه (٢٠) : آية ٥٠]
قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠)
وقوله سبحانه : قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [٥٠] وهذه استعارة على أحد التأويلين. والمراد بها - واللّه أعلم - أنه أكمل لكل شىء صورته، وأتقن خلقته، وهذا يعم كلّ مصوّر من حيوان وجماد وغير ذلك. فلا معنى لحمل من حمله على الحيوان فقط.
وعندى فى ذلك وجه آخر، وإن كان الكلام يخرج به من باب الاستعارة.
وهو أن يكون فى الكلام تقدير وتأخير. فكأنه سبحانه قال : ربّنا الذي أعطى خلقه كل شىء، ثم هداهم إلى مطاعمهم ومشاربهم، ومناكحهم، ومساكنهم وغير ذلك من مصالحهم. ويكون ذلك نظير قوله تعالى : وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ «٢». ويكون المراد أنه سبحانه أعطى خلقه فى أول خلقهم
(٢) سورة إبراهيم. الآية رقم ٣٤.