متن، ص : ٢٢٦
كلّ «١» ما تزاح به عللهم، ويتكامل معه خلقهم، من سلامة الأعضاء، واعتدال الأجزاء، وترتيب المشاعر والحواس، ومواقع الأسماع والأبصار، ثم هداهم من بعد لمصالحهم، ودلهم على مناكحهم، وأجراهم فى مضمار التكليف إلى غاياتهم.
[سورة طه (٢٠) : آية ٥٣]
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣)
وقوله سبحانه : الّذى جعل لكم الأرض مهادا «٢» [٥٣] وقد قرىء مهدا. وهذه استعارة. والمراد بها تشبيه الأرض بالمهاد المفترش، ليمكن الاستقرار عليها، والتقلب فيها. وقد مضى نظير هذه الاستعارة فيما تقدم. ومعنى المهاد والمهد واحد. وهو مثل الفرش والفراش. إلا أن المهد ربما استعمل فى رسم الآلة التي يجعل فيها الصبى الصغير ليحفظه، وهو يؤول إلى معنى الفراش. والمهد أيضا : مصدر مهد، يمهد، مهدا. إذا مكّن موضعا لقدمه، ومضجعا لجنبه.
[سورة طه (٢٠) : آية ١١١]
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١)
وقوله سبحانه : وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ، وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً [١١١] وهذه استعارة. والمراد بها ما يظهر فى الوجوه يوم القيامة من آثار الضرع، وأعلام الجزع. وذلك مأخوذ من تسميتهم الأسير «العاني». ومنه ما جاء فى بعض الكلام : النساء عوان عند أزواجهن. أي أسراء فى أيدى الأزواج. وعلى ذلك قول القائل : هذه المرأة فى حبال فلان. لأنه بما عقده من نكاحها كالآسر «٣» لها، والمالك «٤» لرقها. فكأن الوجوه خضعت من خشية اللّه تعالى خضوع الأسير الذليل، فى يد الآسر العزيز.

(١) كتبها الناسخ «كلما» موصولة، ولا محل للوصول هنا. فإن كل مضافة إلى ما التي بمعنى الذي.
(٢) قرأ الكوفيون هنا وفى سورة الزخرف : مهدا، أي كالمهد. وقرأ الباقون : مهادا وهو اسم ما يمهد كالفراش أو جمع مهد. انظر «أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوى ج ٤ ص ٢٤.
(٣) فى الأصل :(كالأسر) وهو تحريف من الناسخ.
(٤) فى الأصل :(و الملك) وهو تحريف أيضا.


الصفحة التالية
Icon