متن، ص : ٢٢٧
ومن السورة التي يذكر فيها «الأنبياء عليهم السلام»
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١١]
وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١)
قوله سبحانه : وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً [١١] وحقيقة القصم كسر الشيء الصلب. وجعل هاهنا مستعارا للعبارة عن إهلاك الجبارين من أهل القرى أصلب ما كانوا عيدانا، وأمنع أركانا.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١٥]
فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥)
وقوله سبحانه : فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ [١٥] وفى هذه الآية استعارتان. لأنه سبحانه جعل القوم الذين أهلكهم بعذابه بمنزلة النبات المحصود، الذي أنيم بعد قيامه، وأهمد بعد اشتطاطه واهتزازه.
والاستعارة الأخرى قوله تعالى : خامِدِينَ والخمود من صفات النار، كما كان الحصيد من صفات النبات. فكأنه سبحانه شبّه همود أجسامهم بعد حراكها بخمود النار بعد اشتعالها. وقد يجوز أيضا - واللّه أعلم - أن يكون المراد تشبيههم بالنبات الذي حصد ثم أحرق. فيكون ذلك أبلغ فى صفتهم بالهلاك والبوار، وامّحاء المعالم والآثار. لاجتماع صفتى الحصد والإحراق. وقال سبحانه : حَصِيداً خامِدِينَ. ولم يقل خامدا، كما قال تعالى : فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ «١» ولم يقل خاضعة. لأنه سبحانه ردّ معنى خاضعين على أصحاب الأعناق، لا على الأعناق. وكذلك يجوز رد معنى خامدين على القوم الذين أهلكوا، لا على النبات الذي به شبّهوا.

(١) سورة الشعراء. الآية رقم ٤. [.....]


الصفحة التالية
Icon