متن، ص : ٢٢٨
وقيل معنى : حَتَّى «١» جَعَلْناهُمْ حَصِيداً أي سلطنا عليهم السيف يختليهم كما تختلى الزروع بالمنجل. وقد جاء فى الكلام : جعله اللّه حصيد سيفك، وأسير خوفك.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ١٨]
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨)
وقوله سبحانه : بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ، فَإِذا هُوَ زاهِقٌ، وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [١٨]. وهذه استعارة. لأن حقيقة القذف من صفات الأشياء الثقيلة، التي يرجم بها، كالحجارة وغيرها. فجعل - سبحانه - إيراد الحق على الباطل بمنزلة الحجر الثقيل، الذي يرضّ ما صكّه، ويدمغ ما مسّه. ولما بدأ تعالى بذكر قذف الحق على الباطل وفىّ الاستعارة حقها، وأعطاها واجبها، فقال سبحانه :
فَيَدْمَغُهُ ولم يقل فيذهبه ويبطله. لأن الدمغ إنما يكون عن وقوع الأشياء الثقال، وعلى طريق الغلبة والاستعلاء. فكأن الحق أصاب دماغ الباطل فأهلكه. والدماغ مقتل. ولذلك قال سبحانه من بعد : فَإِذا هُوَ زاهِقٌ والزاهق : الهالك.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٣٠]
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠)
وقوله سبحانه : أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما [٣٠]. وهذه استعارة. لأن الرّتق هو سد خصاصة «٢» الشيء، ويقال :
رتق فلان الفتق. إذا سدّه. ومنه قيل للمرأة : رتقاء. إذا كان موضع مرّها من الذّكر ملتحما. وأصل ذلك مأخوذ من قولهم : رتق فتق الخباء والفسطاط وما يجرى مجراهما. إذا خاطه. فكأن السموات والأرض كانتا كالشىء المخيط الملتصق بعضه ببعض، ففتقهما سبحانه، بأن صدع ما بينهما بالهواء الرقيق، والجو الفسيح.
(٢) فى الأصل «حصاصه» بدون نقط.