متن، ص : ٢٢٩
وروى عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب - صلوات اللّه عليه وآله - معنى أن السموات كانت لا تمطر، والأرض لا تنبت. ففتق اللّه سبحانه السماء بالأمطار، والأرض بالنبات «١».
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٣٢ الى ٣٣]
وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)
وقوله سبحانه : وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً [٣٢] وهذه استعارة. لأن حقيقة السقف ما أظلّ الإنسان، من علو بيت أو خباء، أو ما يجرى مجرى ذلك. فلما كانت السماء تظل من تحتها، وتعلو على أرضها، حسن أن تسمّى «٢» سقفا لذلك. ومعنى محفوظا : أي تحفظ «٣» مما لا يمكن أن تحفظ من مثله سائر السقوف، من الانفراج والانهدام والتشعث والاسترمام. وقد قيل : معنى ذلك حفظ السماء من مسارق السمع، وتحصينها بمقاذف الشهب.
وقوله سبحانه : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [٣٣]. وهذه استعارة. لأن أصل السبح هو التقلب والانتشار فى الأرض.
ومنه السباحة فى الماء. ولا يكون ذلك إلا من حيوان يتصرف. ولكن اللّه سبحانه لما جعل الليل والنهار والشمس والقمر مسخرة للتقلب فى هذا الفلك الدائر والصفيح السائر، تتعاقب فيه وتتغاير، وتتقارب وتتباعد، حسن أن يعبّر عنها بما يعبر به عن الحيوان المتصرف، وزيدت على ذلك شيئا، فعبر عنها بالعبارة عن الحيوان المميز. فقيل : يسبحون، ولم يقل :
تسبح، لأنها فى الجري على الترتيب المتقن والتقدير المحكم أقوى تصرفا من الحيوان غير المميز. ولأن اللّه سبحانه أضاف إليها الفعل على تدبير ما يعقل، فحسن أن يعبر عنها بالعبارة
(٢) فى الأصل : يسمى بالياء وهو تحريف.
(٣) فى الأصل :(يحفظ) بالياء وهو تحريف.