متن، ص : ٢٣١
يقال : نفح فلان فلانا بيده. ونفح الفرس فلانا بحافره. إذا أصابه إصابة خفيفة، ولم يبلغ فى إيلامه الغاية. فكأن النفحة هاهنا قدر يسير من العذاب، يدل واقعه على عظيم متوقعه «١»، [و] شاهده على فظيع غائبه.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٦٥]
ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥)
وقوله سبحانه : ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ، لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ [٦٥] وهذه استعارة. والمراد بها وصف ما لحقهم من الخضوع والاستكانة والإطراق عند لزوم الحجة، فكأنهم شبّهوا بالمتردي على رأسه، تدويخا بنصوع البيان، وإبلاسا عند وضوح البرهان.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٧٤]
وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (٧٤)
وقوله سبحانه : وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ [٧٤] ولفظ القرية هاهنا مستعار. والمراد به الجماعة التي كانت تعمل الخبائث من أهل القرية. وكشف سبحانه عن ذلك بقوله : إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ وفى هذا الكلام خبر عجيب، لأنه تعالى جعل ما يلى لفظ القرية مؤنثا، إذ كانت مؤنثة، فقال : الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ. وجعل بقية الكلام مذكرا، فقال : إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ لأن المراد به مذكر، فصار الكلام فى الآية على قسمين : قسم عائد إلى اللفظ، وقسم عائد على المعنى. وهذا من عجائب القرآن.
[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٧٩]
فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ (٧٩)
وقوله سبحانه : وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ، وَكُنَّا فاعِلِينَ [٧٩] ويسبح هاهنا استعارة. وقد مضى من الكلام فى «الرعد» على قوله تعالى : وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ «٢» ما هو بعينه تأويل تسبيح الجبال هاهنا. وقد قيل فى ذلك وجه آخر يخرج به
(٢) سورة الرعد الآية رقم ١٣.