متن، ص : ٢٤٩
لا يوصف بحقيقته إلا الناس. والزفير قد يشترك فى الصفة به الإنسان وغير الإنسان. وإنما المراد بهاتين الصفتين المبالغة فى وصف النار بالاهتياج والاضطرام، على عادة المغيظ والغضبان.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]
وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣) أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥)
وقوله تعالى : وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباد استقرار وسكون، وإنما يريد أنه قصد إلى سبّه، وتظاهر بثلبه. وقال الشاعر :«١»
فإنّ أباكم تارك ما سألتمو فمهما أتيتم فاقدموه على علم
يقال : قدمت هذا الأمر. وأنا أقدمه. إذا أتيته وقصدته. وقد ذكر بعض العلماء فى ذلك وجها آخر. قال : إنما قال سبحانه : وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ لأنه عاملهم معاملة القادم من غيبة. أو كان - بطول إمهاله لهم - كالغائب عنهم ثم قدم، فرآهم على خلاف ما أمرهم به، واستعملهم فيه، فأحبط أعمالهم الفاسدة، وعاقبهم عقاب العاند عن الطاعة، المرتكس فى الضّلالة. والمعتمد على القول الأول.
وقوله تعالى : فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [٢٣] مجاز آخر. وذلك أنه لم يجعل عملهم على الحقيقة هباء منثورا، وهو الغبار الدقيق هاهنا. ومنه الهابى. وإنما أراد سبحانه أنه أبطل ذلك العمل فعفا رسمه، وسقط حكمه، وبطل بطلان الغبار المحق، والغثاء المتفرق.