متن، ص : ٢٥١
بنية السماء عن ظهور الغمام الذي آذننا سبحانه بمجيئه يوم القيامة، إذ يقول عزّ من قائل : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ، وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ «١».
ومعنى تشقّق السماء بالغمام. أي عن الغمام. كما يقول القائل : رميت بالقوس، وعن القوس. بمعنى واحد.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤٣]
أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣)
وقوله تعالى : أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا [٤٣].
وهذه استعارة على أحد التأويلين. وهو أن يكون فى الكلام تقديم وتأخير. فكأنه تعالى قال : أرأيت من اتخذ هواه إلاهه. معنى ذلك أنه جعل هواه آمرا يطيعه، وقائدا يتبعه، فكأنه قد عبده لفرط تعظيمه له.
ومن أمثالهم : الهوى إله معبود. على المعنى الذي ذكرنا. وذكر أحمد بن يحيى البلاذري «٢» فى كتاب (الأشراف) أن هذه الآية نزلت فى الحارث بن قيس بن عدىّ السّهمى، وهو من عبدة الأوثان، لأنه كان كلما رأى حجرا أحسن من الذي اقتناه لعبادته أخذه واطّرح ما عبده.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٤٥ الى ٤٧]
أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (٤٥) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً (٤٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً (٤٧)
وقوله سبحانه : أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً، ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا، ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً [٤٥] وفى هذه الآية استعارتان. إحداهما قوله تعالى «٣» [ : أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ [٤٥] أي ] ألم تر إلى فعل

(١) سورة البقرة، الآية رقم ٢١٠.
(٢) هو المؤرخ الجغرافى النسابة : جالس الخليفة المتوكل العباسي، ومدح المأمون، ومات فى أيام المعتمد. سنة ٢٧٩ ه. ومن كتبه «فتوح البلدان» وهو مصدر وثيق للفتوحات الإسلامية : وقد طبع بأوربا والقاهرة. وكتاب «الأشراف».
(٣) ما بين حاصرتين ليس فى الأصل، وقد وضعناه، لأن السياق يقتضيه.


الصفحة التالية
Icon