تلخيص البيان، متن، ص: ٢٦٩
ومن السورة التي يذكر فيها الملائكة «١» عليهم السلام
[سورة فاطر (٣٥): آية ١٠]
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠)
قوله سبحانه: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [١٠] وهذه استعارة. وليس المراد أن هناك على الحقيقة شيئا يوصف بالصعود، ويرتقى من سفال إلى علو. وإنما المراد أن القول الطيب والعمل الصالح متقبلان عند اللّه تعالى، واصلان إليه سبحانه. بمعنى أنهما يبلغان رضاه، وينالان زلفاه. وأنه تعالى لا يضيعهما ولا يهمل الجزاء عليهما. وهذا كقول القائل لغيره: قد ترقّى الأمر إلى الأمير. أي بلغه ذلك على وجهه، وعرفه على حقيقته. وليس يريد به الارتقاء الذي هو الارتفاع، وضده الانخفاض.
ووجه آخر: قيل إن معنى ذلك صعود الأقوال والأعمال إلى حيث لا يملك الحكم فيه إلا اللّه سبحانه. كما يقال: ارتفع أمر القوم إلى القاضي. إذا انتهوا إلى أن يحكم بينهم، ويفصل خصامهم. ووجه آخر: قيل إن اللّه سبحانه لما كان موصوفا بالعلو على طريق الجلال والعظمة، لا على طريق المدى والمسافة، فكل ما يتقرب به إليه من قول زكى، وعمل مرضى فالإخبار «٢» عنه يقع بلفظ الصعود والارتفاع، على طريق المجاز والاتساع.
[سورة فاطر (٣٥): آية ١٨]
وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْ ءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (١٨)
وقوله سبحانه: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى، وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْ ءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى [١٨]

_
(١) هى سورة فاطر. وهى السورة الخامسة والثلاثون من القرآن. وقد ذكرت الملائكة فيها فى قوله تعالى فى أولها: «الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ، إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».
[.....]
(٢) فى الأصل «و الأخبار» بالواو. والفاء هنا هى الصحيح.


الصفحة التالية
Icon