متن، ص : ٢٨٠
كناية عن الضّرب بالسيف. وامتسح رأسه : إذا فعل به ذلك. وهذه الباء هاهنا للإلصاق. فكأنه تعالى قال : وألصق السيف بسوقها وأعناقها. كما يقول القائل :
مسحت يدى بالمنديل. أي ألصقتها به. وعلى ذلك قول الشاعر «١» :
نمشّ «٢» بأعراف الجياد أكفّنا إذا نحن قمنا عن شواء مضهّب
أي نلصق أيدينا بأعرافها، كما نلصقها بالمناديل التي تمسح بها الأيدى. وقد صرّح بذلك الشاعر الآخر «٣» فقال :
أعرافهنّ لأيدينا مناديل
والشاهد الأعظم على ذلك ما ورد فى التنزيل من قوله سبحانه : وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ «٤» على قراءة من قرأ : وَأَرْجُلَكُمْ حرّا. أي ألصقوا المسح بهذه المواضع. وهذه الآية يستدل بها أهل العراق على أنّ استيعاب الرأس بالمسح ليس بواجب، خلافا لقول مالك. وقال لى الشيخ أبو بكر محمد

(١) هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، أمير شعراء الجاهلية.
(٢) فى الأصل «نمس» بالسين المهملة وهو تحريف من الناسخ، كما أنه ترك كلمة مضهب بدون نقط على الضاد المعجمة. والبيت من بائية امرئ القيس التي يقول فى مطلعها :
خليلى مرا بي على أم جندب نقض لبانات الفؤاد المعذب انظر «شعراء النصرانية» للأب لويس شيخو اليسوعى. ص ٢٣.
(٣) هو عبدة بن الطبيب الشاعر الجاهلى. والبيت كاملا هو :
ثمت قمنا إلى جرد مسومة أعرافهن لأيدينا مناديل ويقول ابن قتيبة فى «الشعر والشعراء» إنه أخذه من قول امرئ القيس :
نمش بأعراف الجياد أكفنا إذا نحن قمنا عن شواء مضهب
(٤) سورة المائدة. الآية رقم ٦.


الصفحة التالية
Icon