متن، ص : ٢٨٦
وقال أبو عمرو بن العلاء «١» : وجهه فى العربية أن يكون الواحد على لفظ مقلد ثم تجمع مقالد. فمن شاء أن يشبع كسرة اللام قال مقاليد. كما قالوا : درهم ودراهيم.
قال : وسمعت أبا المنذر يقول : واحد المفاتيح مفتاح. وواحد المفاتح مفتح. والمعنيان جميعا واحد.
والمراد بمقاليد السموات والأرض هاهنا - واللّه أعلم - أي مفاتيح خيراتهما، ومعادن بركاتهما، من إدرار الأمطار، وإيراق الأشجار، وسائر وجوه المنافع، وعوائد المصالح.
وقد وصف سبحانه السماء فى عدة مواضع بأنّ لها خزائن وأبوابا، فحسن على مقتضى الكلام أن توصف بأن لها مقاليد وأغلاقا.
قال سبحانه : لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ «٢» وقال تعالى : فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ «٣» وقال عزّ من قائل : وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «٤».
وقالوا : خزائن السموات الأمطار، وخزائن الأرض النبات. وقد يجوز أن يكون معنى : لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي طاعة السموات والأرض ومن فيهن.
كما يقال : ألقى فلان إلى فلان مقاليده. أي أطاعه، وفوّض إليه أمره.
وعلى ذلك قول الأعشى «٥» :

(١) هو زبان بن عمار التميمي البصري. كان إماما فى اللغة والأدب والشعر ورواية الأخبار. وقد تلقى أخباره عن أعراب أدركوا الجاهلية. توفى بالكوفة سنة ١٥٤ ه
(٢) سورة الأعراف : الآية رقم ٣٩.
(٣) سورة القمر : الآية رقم ١١.
(٤) سورة المنافقون. الآية رقم ٧.
(٥) سبقت ترجمته فى الحديث عن مجازات سورة ص. والبيت من قصيدة للأعشى يمدح بها «هوذة ابن على الحنفي» ويذم «الحارث بن وعلة بن مجالد الرقاشي». ومطلعها :
أجدك ودعت الصبا والولائدا وأصبحت بعد الجور فيهن قاصدا


الصفحة التالية
Icon