متن، ص : ٢٩٥
[سورة فصلت (٤١) : آية ٣٩]
وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)
وقوله سبحانه : وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً، فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ [٣٩] وهذه استعارة. وقد مضى الكلام على نظيرها فى «الحج». إلا أن هاهنا زيادة، وهى صفة الأرض بالخشوع، كما وصفت هناك بالهمود. واللفظان جميعا يرجعان إلى معنى واحد، وهو ما يظهر على الأرض من آثار الجدب، وأعلام المحل، فتكون كالإنسان الخاشع الذي قد سكنت أطرافه، وتطأطأ استشرافه.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤١ الى ٤٢]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)
وقوله سبحانه : وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [٤١]، [٤٢] وهذه استعارة. وقد قيل فيها أقوال :
منها أن يكون المراد بذلك أن هذا الكتاب العزيز لا يشبهه شىء من الكلام المتقدم له، ولا يشبهه شىء من الكلام الوارد بعده. فهذا معنى : مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ لأنه لو أشبهه شىء من الكلام المتقدم أو الكلام المتأخر لأبطل معجزته، وفصم حجته.
فكأن الباطل قد أتاه من إحدى الجهتين المذكورتين، إما من جهة أمامه، وإما من جهة ورائه. وهذا معنى عجيب.
وقال بعضهم : معنى ذلك أنه لا تعلق به الشّبهة من طريق المشاكلة، ولا الحقيقة من جهة المناقضة، فهو الحق الخالص الذي لا يشوبه شائب، ولا يلحقه طالب.
وقال بعضهم : معنى ذلك أن الشيطان والإنسان لا يقدران على أن ينتقصا منه حقا، ولا يزيدا فيه باطلا.
وقال بعضهم : معنى ذلك أنه لا باطل فيه من الإخبار عمّا كان وما يكون. فكأنّ المراد بقوله سبحانه : لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أي من جهة ما أخبر عنه