متن، ص : ٢٩٨
كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها، وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ
[٢٠] وهذه استعارة. والمراد بحرث الآخرة والدنيا كدح الكادح لثواب الآجلة وحطام العاجلة، فهذا من التشبيه العجيب، والتمثيل المصيب. لأن الحارث المزدرع إنما يتوقع عاقبة حرثه، فيجنى ثمرة غراسه، ويفوز بعوائد ازدراعه.
وقيل معنى : نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ أي نعطيه بالحسنة عشرا إلى ما شئنا من الزيادة على ذلك. ومن عمل للدنيا دون الآخرة أعطيناه نصيبا من الدّنيا دون الآخرة.
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٢٨]
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨)
وقوله سبحانه : وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [٢٨] وهذه استعارة. وليس المراد أن هناك رحمة كانت مطويّة فنشرت، وخفيّة فأظهرت.
وإنما معنى الرحمة هاهنا الغيث المنزّل لإحياء الأرض، وإخراج النّبت. ونشره عبارة عن إظهار النفع به، وتعريف الخلق عواقب المصالح بموقعه.
[سورة الشورى (٤٢) : آية ٤٥]
وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (٤٥)
وقوله تعالى : وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ [٤٥] وهذه استعارة. وقد أشرنا إليها فيما تقدم لمعنى جرّ ذكرها.
والمراد بذلك أن نظرهم نظر الخائف الذليل، والمرتاب الظّنين. فهو لا ينظر إلا مسترقا، ولا يغضى إلا مشفقا. وهذا معنى قولهم : فلان لا يملأ عينيه من فلان. إذا وصفوه بعظم الهيبة له، وشدّة المخافة منه. فكأنهم لا ينظرون بمتّسعات عيونهم، وإنما ينظرون بشفافاتها «١». من ذلّهم ومخافتهم.