متن، ص : ٦٥
عصر الشريف الرضى
عاش الشريف الرضى فى النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، وأدرك ست سنوات من القرن الخامس. وولد سنة ٣٥٩ ه، وتوفى سنة ٤٠٦ ه. فكأنه بذلك أدرك ثلاثة من خلفاء العباسيين، وهم المطيع، والطائع، والقادر.
وكان الخلفاء فى ذلك العهد لا يملكون من الأمر شيئا، فليس الأمر بيدهم، ولا تصاريف الحكم لهم، وإنما كانت الدولة والكلمة والسلطان كله لبنى بويه الذين تغلبوا على بنى العباس، ونزعوا من أيديهم كل سلطان، وبدأوا ذلك فى عام سنة ٣٣٤ ه أي ربع قرن قبل مولد الشريف.
على أن سلطان الخلفاء العباسيين كان قبل ذلك ضعيفا - أي قبل أن يمسك بنو بويه بزمام السلطان - فقد كان الخليفة المقتدر العباسي، وهو أول خلفاء القرن الرابع الهجري صبيا ضعيفا ليس له من الأمر شىء، وقد روعى فى انتخابه للخلافة بعد المكتفي أن يكون حدثا صغيرا غرا، وكان ابن الفرات الوزير مسئولا عن هذه الفضيحة الخلافية حين رشحه للخلافة قائلا :(إنه صبى لا يدرى أين هو، وعامة سروره أن يصرف من المكتب!) وكانت سنة حين اختير للخلافة ثلاثة عشر عاما.
ولقد كانت قوة بنى بويه على حساب الخلفاء العباسيين، وكان معز الدولة بن بويه صاحب الأمر والنهى فى العراق، على حين كان الخليفة مجردا حتى من وزير يزرله، وإنما كان له كاتب يدبر له إقطاعاته. وصار معز الدولة يستوزر لنفسه من شاء. ولقد بلغ من كراهة بنى بويه للعباسيين أن معز الدولة فكر فى أن يزيل اسم الخلافة أيضا عن بنى العباس، ويجعلها للعلويين، لأنه كان شيعيا، وكان يعتقد أن العباسيين اغتصبوا الخلافة من


الصفحة التالية
Icon