خطاب العامة و خطاب الخاصة وهاتان غايتان أخريان متباعدتان عند الناس فلو أنك خاطبت الأذكياء بالواضح المكشوف الذي تخاطب به الأغبياء لنزلت بهم إلى مستوى لا يرضونه لأنفسهم في الخطاب ولو أنك خاطبت العامة باللمحة والإشارة التي تخاطب بها الأذكياء لجئتهم من ذلك بما لا تطيقه عقولهم فلا غنى لك إن أدرت أن تعطي كلتا الطائفتين حظها كاملا من بيانك أن تخاطب كل واحدة منهما بغير ما تخاطب به الأخرى كما تخاطب الأطفال بغير ما تخاطب به الرجال فأما أن جملة واحدة تلقى إلى العلماء والجهلاء وإلى الأذكياء والأغبياء وإلى السوقة والملوك فيراها كل منهم مقدرة على مقياس عقله وعلى وفق حاجته فذلك ما لا تجده على أتمه إلا في القرآن الكريم فهو قرآن واحد يراه البلغاء أو في كلام بلطائف التعبير ويراه العامة أحسن كلام وأقربه إلى عقولهم لا يلتوي على أفهامهم ولا يحتاجون فيه إلى ترجمان وراء وضع اللغة فهو متعة العامة والخاصة على السواء ميسر لكل من أراد ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر إقناع العقل وإمتاع العاطفة وفي النفس الإنسانية قوتان قوة تفكير وقوة وجدان وحاجة كل واحدة منهما غير حاجة أختها فأما إحداهما فتنقب عن الحق لمعرفته وعن الخير للعمل به وأما الأخرى فتسجل إحساسها بما في