في التفكير تتناقص قوة وجدانه والذي يقع تحت تأثير لذة أو ألم يضعف تفكيره وهكذا لا تقصد النفس الإنسانية إلى هاتين الغايتين قصدا واحدا وإلا لكانت مقبلة مدبرة معا وصدق الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه فكيف تطمع من إنسان في أن يهب لك هاتين الطلبتين على سواء وهو لم يجمعهما في نفسه على سواء وما كلام المتكلم إلا صورة الحال الغالبة عليه من بين تلك الأحوال هذا مقياس تستطيع أن تتبين به في كل لسان وقلم أي القوتين كان خاضعا لها حين قال أو كتب فإذا رأيته يتجه إلى تقرير حقيقة نظرية أو وصف طريقة عملية قلت هذا ثمرة الفكرة وإذا رأيته يعمد إلى تحريض النفس أو تنفيرها وقبضها أو بسطها واستثارة كوامن لذتها أو ألمها قلت هذا ثمرة العاطفة وإذا رأيته قد انتقل من أحد الضربين إلى الآخر فتفرغ له بعد ما قضى وطره من سابقه كما ينتقل من غرض إلى غرض عرفت بذلك تعاقب التفكير والشعور على نفسه وأما أن أسلوبا واحدا يتجه اتجاها واحدا ويجمع في يديك هذين الطرفين معا كما يحمل الغصن الواحد من الشجرة أوراقا وأزهارا وأثمارا معا كما يحمل الغصن الواحد من الشجرة أوراقا وأزهارا وأثمارا معا أو كما يسري الروح في الجسد والماء في العود الأخضر فذلك ما لا تظفر به في كلام بشر ولا هو من سنن الله في النفس الإنسانية فمن لك إذا بهذا الكلام الواحد الذي يجيء من الحقيقة البرهانية الصارمة بما يرضى حتى أولئك الفلاسفة المتعمقين ومن المتعة الوجدانية الطيبة بما يرضي حتى هؤلاء الشعراء المرحين


الصفحة التالية
Icon