وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، اعني انه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى. فلا
ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلا بعد جيل
على هيئته التي وضع عليها أول مرة. ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر.
وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيها بقي القرآن محفوظا في حرز حريز، انجازا لوعد الله الذي تكفل بحفظه حيث يقول :( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) سورة الحجر، ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند، حيث لم يتكفل الله بحفظها، وبل وكلها إلى حفظ الناس فقال تعالى :( والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله ) سورة المائدة- أي بما طلب إليهم حفظه – والسر في هذه التفرقة أن سائر الكتب السماوية جيء بها على التوقيت


الصفحة التالية
Icon