لا التأييد، وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليها، فكان جامعا لما فيها من الحقائق الثابتة، زائدا عليها بما شاء الله زيادته، وكان سادا مسدها ولم يكن شيء منها ليسد مسده، فقضى الله أن يبقى حجة إلى قيام الساعة وإذا قضى الله أمرا يسر له أسبابه، وهو الحكيم العليم.
ولما كان القرآن بهذا المعنى الأسمى جزئيا حقيقيا كان من المتعذر تحديده بالتعاريف المنطقية ذات الأجناس والفصول والخواص. وذلك شأن كل الجزئيات الحقيقية لا يمكن تحديدها بهذا الوجه، لأن أجزاء التعاريف المنطقية كليات، والكلى لا يطابق الجزئي مفهوما، لأنه يقبل الإنطباق على كل ما يفرض مماثلا له في ذلك الوصف ذهنا وإن لم يوجد في الواقع فلا يكون مميزا له عن جميع ماعداه، فلا يكون حدا صحيحا.
وإنما يحدد الجزئي بالإشارة إليه حاضرا في الحس، أو معهودا في الذهن.
فإذا أردت تعريف القرآن تعريفا تحديديا فلا سبيل لذلك إلا بأن تشير إليه مكتوبا في المصحف أو مقروءا باللسان فتقول : هو ما بين هاتين الدفتين أو تقول. هو ( بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين...... إلى. من الجنة والناس ).
أما ما ذكره العلماء من تعريفه بالأجناس والفصول كما تعرف الحقائق الكلية فإنما أرادوا به تقريب معناه وتمييزه عن بعض ما عداه مما قد يشاركه في الاسم ولو توهما ذلك أن سائر كتب الله تعالى والأحاديث القدسية وبعض الأحاديث النبوية تشارك القرآن في كونها وحيا إلهيا فربما ظن ظان أنها تشاركه في اسم القرآن أيضا، فأرادوا بيان اختصاص الاسم به ببيان صفاته التي امتاز بها عن تلك الانواع. فقالوا.
(( القرآن هو كلام الله تعالى، المنزل على محمد ﷺ المتعبد بتلاواته )).
(( فالكلام )) جنس شامل لكل كلام، وإضافته إلى (( الله )) تميزه عن كلام


الصفحة التالية
Icon