كيف تتناكر معانيها وتتنافر مبانيها في الأسماع والأفهام وكيف يبدو عليها من الترقيع والتلفيق والمفارقة ما لا يبدو على القول الواحد المسترسل وسبب ثالث كان أجدر أن يزيد نظم السورة تفكيكا ووحدتها تمزيقا ذلك هو الطريقة التي اتبعت في ضم نجوم القرآن بعضها إلى بعض وفي تأليف وحدات السور من تلك النجوم وإنها لطريقة طريفة سنريك فيها العجيبة الثالثة الكبرى التي خرجت بهذا التأليف القرآني عن طبيعة التأليف الإنساني فتعال وانظر انظر إلى الإنسان حين يزاول صناعة ما من صناعاته التركيبية ألا تراه يبدأ عمله دائما بتعرف أجزاء المركب ومقوماته والوقوف على عناصره ومتمماته قبل أن يبت الحكم في تحديد موقع كل جزء منها هاتان مرحلتان تتنزل الثانية منهما منزلة الصورة من مادتها فلا جرم أن عكس القضية فيهما لا يكون إلا سيرا بالعقل البشري في غير سبيله وإدلاجا به في مزلة لا قرار للإقدام عليها ولا هدى للسالك فيها وهل رأيت أحدا سلك هذه السبيل المؤتفكة ثم استقام له الأمر عليها إلى نهايته