فيا ليت شعري إذا كانت كافة الأجزاء والعناصر التي تتألف منها وحدة السور منوطة بأسباب لم تكن كلها واقعة ولا متوقعة وكان لا بد لتمام هذه الوحدة من وقوع تلك الأسباب كلها في عصر نزول القرآن ليتناولها ببيانه فما الذي أخضع دورة الفلك لنظام هذه الوحدات وجعل هذه النوازل تتوارد بأسرها في إبان التنزيل لماذا لم يتفق في حادثة واحدة منها أن تخلفت عن عالم الوجود يومئذ لينخرم هذا النظام فتجيء سورة من السور مبتورة في مفتتحها أو في مختتمها أو فيما بين ذلك أليست مطاوعة تلك الأحداث الكونية ومعاونتها بدقة دائما لنظام هذه الوحدات البيانية شاهدا واضحا على أن هذا القول وذاك الفعل كانا يجيئان من طريق واحدة وأن الذي صدرت هذه الكلمات عن علمه هو نفسه الذي صدرت تلك الكائنات عن مشيئته بل ليت شعري لو أن هذا الإنسان الغريب الذي جاء القرآن على لسانه كان قد أحصى ما سوف يلده الزمان من مفاجآت الحوادث المستقبلة صغيرة وكبيرة في مدى دهره ثم قدر ما سوف تتطلبه تلك النوازل من تعاليم الفرقان فما علمه بالنظام البياني الذي ستوضع عليه صيغة تلك التعاليم ثم ما علمه أي هذه التعاليم سيكون قرينة لهذا الجزء أو ذاك ليتأهب لتلك القرائن قبل ورودها فيودع في كل جزء ساعة نزوله عروة لائقة بقرينته المعينة حتى إذا قدمت استمسكت بعروتها فازدوجت بقرينها ذلك الازدواج المحكم ولماذا حين وردت كل قرينة وجدت من قرينها جارا لا يجور ولا يجار عليه ووجدت بجانبه المكان الذي ينتظرها لا ضيقا فيزاحمها ويتبرم بها ولا واسعا فتنقطع الصلة بينهما بل وجدته مقدرا بمقدارها حتى لا حاجة إلى الاستدراك على الماضي بمحو حرف ولا بزيادة حرف ولا بتبديل وع وحتى لا مجال هناك لقول ليت ولا لو إن