بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين وارجع الآن قليلا إلى نظام الأحاديث عن الطوائف الثلاثة لترى كيف تقابلت أوضاعها أتم التقابل فقد اشتمل الحديث في كل طائفة على ثلاثة عناصر مرتبة على هذا النمط وصف الحقيقة الواقعة فبيان السبب فيها فالإخبار عن نتيجتها المنتظرة فحقيقة الطائفة الأولى أنهم قوم حصلوا فضيلة التقوى بركنيها العلمي والعملي وسبب ذلك استمساكهم بالهدى وإمدادهم بالتوفيق من ربهم ومآل أمرهم الفوز والفلاح وحقيقة الطائفة الثانية أنهم مجردون من أساس التقوى وهو الإيمان وأنهم مصرون على ذلك إصرارا لا ينفع معه إنذار والسبب عدم انتفاعهم بما وهبهم الله من وسائل العلم فلهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها وعاقبة أمرهم العذاب العظيم وحقيقة الطائفة الثالثة صفة مركبة من ظاهر خير وباطن سوء فهم يقولون بألسنتهم إنهم مؤمنون وليس في قلوبهم من الإيمان شيء ولكل من الوصفين سبب وجزاء أما دعواهم الإيمان فسببها قصد المخادعة وجزاء الخداع عائد عليهم وأما إسرارهم الكفر فسببه مرض قلوبهم وجزاؤه زيادة المرض والعذاب الأليم وكما بين في الطائفة الثانية أنها بلغت من الإصرار والغباوة مبلغا لا يجدي معه الإنذار بين في الطائفة الثالثة أنها بلغت من الغرور والجهالة المركبة مبلغا لا ينفع فيه نصح الناصحين فهم المفسدون ويزعمون أنهم المصلحون وهم السفهاء ويزعمون أنهم الراشدون ومن لك بشفاء سقيم يعتقد أنه سليم ثم كما ختم الكلام في شأن الطائفة الأولى بأن سجل لهم وصف الهدى