أنفسهم وشغلتهم حظوظهم العاجلة فحصروا كل تفكيرهم فيما قد يحيط به من مغانم يمشون إليها أو مغارم يتقونها أو مآزق تفقهم منه موقف الروية والانتظار وهكذا ساروا في التدين به سيرا متعرجا متقلبا مبنيا على قاعدة الربح والخسر والسلامة الدنيوية فكانوا إذا رأوا عرضا قريبا وسفرا قاصدا وبرقت لهم بروق الأمل في الغنيمة ساروا مع المؤمنين جنبا إلى جنب وإذا دارت رحا الحرب وانقضت صواعقها منذرة بالموت والهزيمة أخذوا حذرهم وفروا من وجه العدو قائلين إن بيوتنا عورة أو رجعوا من بعض الطريق قائلين لو نعلم قتالا لاتبعناكم حتى إذا كانت الثالثة فلم يلمحوا من الآمال بارقة ولم يتوقعوا من الآلام صاعقة بل اشتبهت عليهم الأمور وتلبد الجو بالغيوم فنالك يقفون متربصين لا يتقدمون ولا يتأخرون ولكن يلزمون شقة الحياد ريثما تنقشع سحابة الشك فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ذلك أبدا دأب المنافقين في كل أمرهم إن توقعوا ربحا عاجلا التمسوه في أي صف وجدوه وإن توقعوا أذى كذلك تنكروا للفئة التي ينالهم في سبيلها شيء من المكروه وإذا أظلم عليهم الأمر قاموا بعيدا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء أما الذي يؤمن بالله واليوم الآخر فإن له قبلة واحدة يولي وجهه شطرها هي قبلة الحق لا يخشى فيها لومة لائم