أنواع المتع واللذائذ الشخصية والجنسية تلك المعاني التي قد يستحي المرء ذكرها وقد يخالها الجاهل نابية عن سنن الخطاب الإلهي الأعظم غافلا عن أنه الحق الذي لا يستحي من الحق وأنه الرحيم الذي يتنزل برحمته إلى مستوى العقول البشرية فيبين لهم كل ما يحتاجون إلي بيانه مما يحبون أو يكرهون ومما يرجون أو يحذرون وهكذا انساق الحديث من ذكر هذه النماذج المتفاوتة إلى استنباط القاعدة الكلية منها ببيان أن هذه هي طريقة القرآن في هدايته فهو يضرب الأمثال كلها ويبين الحقائق حلوها ومرها واضعا كل شيء في موضعه مسميا له باسمه لا يبالي أن يتناول في بيانه جلائل الأمور أو محقراتها إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها حقا إن شأن الكتاب في تفصيل الحق والباطل والضار والنافع شأن كتاب الأعمال في تفصيل الحسنات والسيئات كلاهما لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وكما أن وصف القرآن بالهدى إجمالا قد جر هناك إلى ذكر انقسام الناس في قبول هدايته وإلى النعي على من أعرض عنه كذلك وصف طريقته في الهداية قد جرها هنا إلى مثل هذا التقسيم يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وإلى النعي على الضالين بذكر مساوئهم وتفصيل نقائصهم وما يضل به إلا الفاسقين وكما أن بيان أوصافهم هناك قد جلاهم أمام السامع في صورة تحرك داعيته لسماع ندائهم بالنصح والتعليم كذلك بيان أوصافهم هنا قد استفز النفوس إلى سماع مخاطبتهم بالتعجيب والإنكار كيف تكفرون بالله الآيات وكذلك عاد الكلام إلى المقصد الأول بأركانه الثلاثة ولكن في ثوب جديد