بين التاريخين القديم والحديث موقع العبرة المستنبطة والنتيجة المقررة بين أسباب مضت وأسباب تأتي أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم فهذه الفاه تقول لنا أبعد كل ما قصصناه يطمع طامع في إيمان هؤلاء القوم وهم الوارثون لذلك التاريخ الملوث وهذه الواو تقول هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ويعود السرد الإخباري إلى مجراه التفصيلي فيقص علينا من مساوئ أوصاف الحاضرين منهم ومنكرات أفاعيلهم وأقاويلهم زهاء عشرين سببا لا تبقى مطمعا لطامع في إيمانهم سواء منها ما كان مختصا بهم وما كان يشاركهم فيه غيرهم من أسلافهم أو من النصارى أو الوثنيين ثم لا يدع زعما من مزاعمهم إلا قفى عليه بما يليق به من الرد والتفنيد وقد بدأ هذا الوصف بتقسيمهم إلى فريقين علماء يحرفون كلام الله ويتواصون بكتمان ما عندهم من العلم لئلا يكون حجة عليهم وجهلاء أميين هم أسارى الأماني والأوهام وضحايا التضليل والتلبيس الذي يأتيه علماؤهم فمن ذا الذي يطمع في صلاح أمة جاهلها مضلل مخدوع يأخذ باسم الدين ما ليس بدين وعالمها مضلل خادع يكتب الكتاب بيده ويقول هذا من عند الله وثنى ببيان منشأ اجترائهم على كل موبقة ألا وهو غرورهم بزعمهم أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة ولقد أمر النبي أن يوسع هذا الزعم دحضا وإبطالا وأن يتدرج معهم في هذه المجادلة على درجات المنطق السليم والبحث المستقيم فيبدأ بمطالبتهم البرهان على ما زعموا ثم ينقضه ببيان مخالفته لقانون العدل الإلهي الذي لا يعرف شيئا من الظلم ولا المحاباة لأحد بل الخلق أمامه سواء كل امرئ رهين بعمله ومن يعمل سوءا أو حسنا يجز به ثم يعارضه بقلب القضية عليهم مبينا