دوران يقوم في أحدهما بالتطهير والتخلية وفي الثاني بالتكميل والتحلية وأنت قد رأيت الكلام في دعوة بني إسرائيل قد مضى إلى هذا الحد في بيان عوج الطريق الذي يسلكونه ورأيته قد أوسع البيان في ذلك حتى أتى على نهاية الدور الأول أليس من الحق إذا أن يبدأ الدور الثاني فيبين الطريق السوي الذي يجب أن يسلكوه ثم رأيت كيف اختتم البيان السابق هدى الله والعلم الذي علمه لنبيه وذكر الفريق الذي يرجى إيمانهم به من أهل الكتاب وهم الذين يتلون الكتاب حق تلاوته أليس هذا الاختتام نفسه مطلعا تشرف النفس منه على هذا الافتتاح ثم رأيت الحديث في الدور الأول منقسما إلى قسمين قسم يتحدث فيه عن ماضي اليهود وقسم يتحدث فيه عن حاضرهم ألا يكون من حسن التقابل أن يقسم الحديث الثاني إلى القسمين عن ماضي المسلمين وعن حاضرهم ذلك هو ما ترى فيما يلي بل سترى ما هو أتم مقابلة ومشاكلة فسيجري الكلام في القسم الأول هنا على سنن الخطاب مع بني إسرائيل والكلام في القسم الثاني على سنن التحدث عنهم كما جرى هنالك في القسمين سواء وأكبر من هذا كله أنك ترى الآيتين الكريمتين اللتين صدر بهما أول الحديث هناك قد صدر بهما أول الحديث هنا ليدعوهم إلى اعتناق الحق بمثل ما دعاهم به إلى اجتناب الباطل وليتقرر في نفس السامع من أول الأمر أن الحديث سيعود كما بدأ ولكن في طريق يقابل ذلك الطريق وبمعنى جديد هو عدل لذلك المعنى القديم يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة


الصفحة التالية
Icon