ثم أومأ إلى أن الجدال في هذه القبلة ليس صدا عن الشعائر التي في داخل المسجد الحرام فحسب بل هو كذلك صد عما حوله من الشعائر إن الصفا والمروة من شعائر الله ثم أكد أمر هاتين الشعيرتين على نحو ما أكد أمر القبلة بالتعريض بأهل الكتاب الذين يعلمون أصلهما في تاريخ إبراهيم ولكنهم يكتمون ما أنزله الله من البينات وهم يعلمون أرأيت هذه المراحل الأربع التي سلكها القرآن في دعوة بني إسرائيل كيف رتبها مرحلة مرحلة وكيف سار في كل مرحلة منها خطوة خطوة فارجع البصر كرة أخرى إلى هذه المرحلة الأخيرة منها لتنظر كيف استخدم موقعها هذا لتحقيق غرضين مختلفين وجعلها حلقة اتصال بين مقصدين متنائيين فهي في جملتها مناجات من الله للنبي والمؤمنين في خاصة شأنهم وفيما يعنيهم من أمر دينهم ولكنه جعل هذه النجوى طرفين لون كل طرف منها بلون المقصد الذي يتصل به فالتقى المقصدان فيها على أمر قد قدر ألم تر كيف بدأها بأن قص على المؤمنين مقالة أعدائهم في بعض حقائق الإسلام وعمد إلى هذه الحقائق التي تماروا فيها فجعل يمسح غبار الشبهة عن وجهها حتى جلاها بيضاء للناظرين فكانت هذه البداية كما ترى نهاية لتلك المعارك الطويلة التي حورب فيها الباطل في كل ميدان ثم رأيت كيف ساق الحديث فجعل يثبت أقدام المؤمنين على تلك الحقائق النظرية والعملية ويحرضهم على الاستمساك بها في غير ما آية أفلا تكون هذه النهاية بداية لمقصد جديد بعدها يراد به هداية المؤمنين إلى تعاليم الإسلام مفصلة بلى إن ذلك هو ما توحي به سياقة هذه النجوى المتواصلة التي