ثلاث المعصية والبدعة والشرك الأكبر وكأن باب التحريم والتحليل في المطاعم والمكاسب كان هو أول باب فتح في الجاهلية للتشريع بغير إذن الله ولذلك كان هو أول باب سده القرآن بعد باب الشرك الأكبر فترى النهي عنه والنص عليه وبيان الحق فيه تاليا لذكر العقائد حتى في السور المكية كسورة الأنعام والأعراف ويونس والنحل وغيرها ومما زاد موقعه هنا حسنا أن مجيئه في سياق ذكر التوحيد وقع عدلا لمجيء حكم القبلة في سياق ذكر ملة إبراهيم فكلاهما فرع عظيم يتصل بأصل عظيم ألا ترى كيف ختم الكلام في شأنه بمثل ما ختم به هناك من وعيد المعاندين الذين يكتمون ما أنزل الله أو لا ترى كيف أن الإسلام جعل مسألتي القبلة والذبائح كليهما من الشعائر التي يتميز بها المسلم عن غيره كما يتميز بالشهادة والصلاة من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله على أن بدعة التحريم بالرأي في هذا الباب لم تقتصر على الفئة الخارجة عن الملة بل إن بعض المسلمين في عصر النبوة كادت تصيبهم عدوى الأمم قبلهم إذ هموا أن يترهبوا ويحرموا على أنفسهم الطيبات من الطعام وغيره لا تحريما لما أحل الله منها بل زهادة فيها وحملا للنفس على الصبر عنها بضرب من النذر أو اليمين أو العزيمة المصممة فرد عليهم القرآن هذا الابتداع وأغلق بابه إغلاقا حتى لا يكون مدرجة لما وراءه