أفق متلبد ينذر باحتمال الفراق فلما جاء بعده الحديث عن أحكام الفراق لم يكن غريبا بل وجد مكانه مهيأ له من قبل كأن خاتمة حكم الإيلاء كانت بمثابة عروة مفتوحة تستشرف إلى عروة أخرى تشتبك معها فلما جاءت فتيا الطلاق في إبانها كانت هي تلك العروة المنتظرة وما هو إلا أن التقت العروتان حتى اعتنقتا وكانت منهما حلقة مفرغة لا يدري أين طرفاها وهكذا أصبح الحديثان حديثا واحدا ترى من علم محمدا لو كان القرآن من عنده أنه سوف يستفتى يوما ما في تلك التفاصيل الدقيقة لأحكام الطلاق ومن علمه أنه سيجد لهذا السؤال جوابا وأن هذا الجواب سيوضع في نسق مع حكم الإيلاء وأنه ينبغي لاستقامة النسق كله أن يساق حكم الإيلاء الذي وقع الاستفتاء فيه الآن على وجه يجعل آخر شقيه هو أدناهما إلى حديث الطلاق الذي سوف يسأل عنه بعد حين لكي ينضم الشكل إلى شكله متى جاء وقت بيانه هيهات أن يحوم علم البشر حول هذا الأفق الأعلى فإنما ذلك شأن عالم الغيب الشهادة الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى وتمضي السورة في هذا النمط الجديد مفصلة آثار الطلاق وتوابعه كلها عدة ورجعة وخلعا ورضاعا واسترضاعا وخطبة وصداقا ومتعة إلى تمام هذه الحلقة الثانية وهنالك تبدأ الحلقة الثالثة حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فلننظر كيف تمت النقلة بين هاتين الحلقتين إننا بمقدار ما رأينا من التلبث والتمكث والاستجمام والتنفس بين الحلقة الأولى والثانية سنرى على عكس ذلك بين الحلقة الثانية والثالثة نقلة شبه خاطفة بل لفتة جد مباغتة قد يحسبها الناظر اقتضابا وما هي باقتضاب إلا في حكم النظر السطحي أما من تابع معنا سير قافلة


الصفحة التالية
Icon