مقالا ومجالا، ولكنه كانت تمضي الليالي والأيام تتبعها الليالي والأيام ولا يجد في شانها قرآنا يقرؤه على الناس.
الم يرجف المنافقون بحديث الإفك عن زوجه عائشة رضي الله عنها وأبطأ الوحي، وطال الأمر والناس يخوضون، حتى بلغت القلوب الحناجر وهو لا يستطيع إلا أن يقول بكل تحفظ واحتراس (( إني لا اعلم إلا خيرا )) ثم انه بعد أن بذل جهده في التحري والسؤال واستشارة الأصحاب، ومضى شهر بأكمله والكل يقولون ما علمنا عليها من سوء، لم يزد على أن قال لها آخر الأمر (( يا عائشة، أما انه بلغني كذا وكذا، فان كنت بريئة فسيبرئك الله، وان كنت ألممت بذنب فاستغفري الله )).
هذا كلامه بوحي ضميره، وهو كما ترى كلام البشر الذي لا يعلم الغيب، وكلام الصدّيق المتثبت الذي لا يتبع الظن ولا يقول ما ليس له به علم. على انه لم يغادر مكانه بعد أن قال هذه الكلمات حتى نزل صدر سورة النور معلنا براءتها، ومصدرا الحكم المبرم بشرفها وطهارتها. الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما.
فماذا كان يمنعه - لو أن أمر القرآن إليه - أن يتقول هذه الكلمة الحاسمة من قبل ليحمي بها عرضه ويذب بها عن عرينه وينسبها إلى الوحي السماوي لتنقطع السنة المتخرصين، ولكنه ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من احد عنه حاجزين ) سورة الحاقة.
وأخرى كان يجيئه القول فيها على غير ما يحبه ويهواه. فيخطّئه في