الرأي يراه. ويأذن له في الشيء لا يميل إليه. فإذا تلبث فيه يسيرا تلقّاه القرآن بالتعنيف الشديد، والعتاب القاسي، والنقد المر، حتى في أقل الأشياء خطرا :( يا أيها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضات أزواجك ) أول سورة التحريم، ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) سورة الأحزاب، ( عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ) سوره التوبة، ( ما كان للنبي والذين امنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) سورة التوبة أيضا، ( ما كان لنبي ان يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) سورة الأنفال، ( أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى ) سورة عبس.
أرأيت لو كانت هذه التقريعات المؤلمة صادرة عن وجدانه، معبرة عن ندمه ووخز ضميره حين بدا له خلاف ما فرط من رأيه. أكان يعلنها عن نفسه بهذا التهويل و التشنيع الم يكن له في السكوت عنها ستر على نفسه واستبقاء لحرمة آرائه بل هذا القرءان لو كان يفيض عن وجدانه لكان يستطيع عند الحاجة أن يكتم شيئا من ذلك الوجدان ولو كان كاتما شيئا لكتم أمثال هذه الآيات. ولكنه الوحي لا يستطيع كتمانه


الصفحة التالية
Icon