فيها قرنا فشهد هذه الوقائع مع أهلها شهادة عيان، أوانه ورث كتب الأولين و عكف على دراستها حتى أصبح من الراسخين في علم دقائقها ؟
إنهم لا يسعهم أن يقولوا هذا ولا ذاك، لأنهم معترفون مع العالم كله بأنه عليه السلام لم يكن من أولئك ولا من هؤلاء ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ) سورة آل عمران ( وما كنت لديهم إذ اجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) سورة يوسف ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ) الآيات من سورة القصص.
( وما كنت تتلوا من قبله، من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون. ) سورة العنكبوت ( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ) سورة هود ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن. وان كنت من قبله لمن الغافلين ) سورة يوسف.
لا نقول أن العلم بأسماء بعض الأنبياء و الأمم الماضية وبمجمل ما جرى من حوادث التدمير في ديار عاد وثمود وطوفان نوح وأشباه ذلك لم يصل قط إلى الأميين، فان هذه النتف اليسيرة قلما تعزب عن احد من أهل البدو أو الحضر. لأنها مما توارثته الأجيال وسارت به الأمثال. وإنما الشأن في تلك التفاصيل الدقيقة والكنوز المدفونة في بطون الكتب فذلك هو العلم النفيس الذي لم تنله يد الأميين ولم يكن يعرفه إلا القليل من الدارسين. وانك لتجد الصحيح المفيد من هذه الأخبار محررا في القرآن.