وليقولوا درست ) سورة الانعام ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه وأصيلا ) سورة الفرقان.
ولقد صدقوا، فانه درسها، ولكن على أستاذه الروح الأمين واكتتبها، ولكن من صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بايدي سفرة كرام بررة ( قل لوشاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ) سورة يونس
ذلك شأن ما في القرآن من الانباء التاريخية، لا جدال في ان سبيلها النقل لا العقل، وأنها تجيء من خارج النفس لا من داخلها.
فاما سائر العلوم القرآنية فقد يقال انها من نوع ما يدرك بالعقل، فيمكن ان ينالها الذكي بالفراسة او بالروية. وهذا كلام قد يلوح حقا في بادئ الرأي، ولكنه لا يلبث أن ينهار أمام الاختيار.
ذلك ان العقول البشرية لها في إدراك الأشياء طريق معين تسلكه، وحده محدود تقف عنده ولا تتجاوزه. فكل شيء لم يقع تحت الحس الظاهر أو الباطن مباشرة، ولم يكن مركوزا في غزيزة النفس، انما يكون إدراك العقول إياه عن طريق مقدمات معلومة توصل الى ذلك المجهول، اما بسرعة كما في الحدس وأما ببطء كما في الاستدلال والاستنباط والمقايسة.
وكل ما لم تمهد له هذه الوسائل والمقدمات لا يمكن ان تناله يد العقل بحال. وانما سبيله الإلهام، او النقل عمن جاءه ذلك الالهام. فهل ما في القرآن من المعاني غير التاريخية كانت حاضرة الوسائل والمقدمات في نظر العقل ؟


الصفحة التالية
Icon