فانظر كيف جاء تاويلها على اوسع معانيها في عصر الصحابة الذين وقع لهم خطاب المشافهة في قوله ( منكم ) فبدلوا من بعد خوفهم امنا لا خوف فيه : واستخلفوا في اقطار الارض فورثوا مشارقها ومغاربها.
وتأمل في قوله في هذه الآية ( وعملوا الصالحات ) وقوله في الآية الأخرى ( ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) سورة الحج، تجد فيها نبأ آخر عن سر ما يبتلى به المؤمنون أحيانا من انتقاص أرضهم وتسلط أعدائهم عليهم ( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم انى هذا قل هو من عند أنفسكم ) سورة آل عمران ( ذلك بان الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) سورة الانفال.
( ومثالا آخر ) :
منع المسلمون من دخول مكة عام الحديبية، واشترطت عليهم قريش اذا جاءوها في العام المقبل ان يدخلوها عزلا من كل سلاح الا السيوف في القرب. فهل كان لهم ان يثقوا بوفاء المشركين بعقدهم وقد بلوا منهم نكث العهود وقطع الارحام وانتهاك شعائر الله ؟ أليسوا اليوم يحبسون هديهم ان يبلغ محله ؟ فماذا هم صانعون غدا ؟ على أنهم لو صدقوا في تمكين المسلمين من الدخول فكيف يامن المسلمون جانبهم اذا دخلوا عليهم دارهم مجردين من دروعهم وقوتهم، الا تكون هذه مكيدة يراد منها استدراجهم إلى الفخ ؟ وآية ذلك اشتراط تجردهم من السلاح إلا السيف في القراب