ونظير هذه الأنباء في كفار قريش ما ورد في كفار اليهود، انظر كيف يقول فيهم ( لن يضروكم إلا أذى وان يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ) سورة آل عمران وقد فعل. ثم يقول ( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ). ويقول ( وإذا تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ) سورة الأعراف.
فيا عجبا لهذه الآيات هل كانت مؤلفة من حروف وكلمات ؟ أم كانت أغلالا وضعت في أعناقهم إلى الأبد، وأصفادا شدت بها أيديهم فلا فكاك ؟ ألا تراهم منذ صدرت عليهم هذه الأحكام أشتاتا في كل واد، أذلاء في كل ناد، لم تقم لهم في عصر من العصور دولة، ولم تجمعهم قط بلدة. وهم اليوم على الرغم من تضخم ثروتهم المالية إلى ما يقرب من نصف الثروة العالمية لا يزالون مشردين ممزقين عاجزين عن أن يقيموا لأنفسهم دويلة كأصغر الدويلات. بل تراهم في بلاد الغرب المسيحية يسامون أنواع الخسف والنكال، ثم تكون عاقبتهم الجلاء عنها مطرودين. وبلاد الإسلام التي هي أرحب أرض الله صدرا – إنما تقبلهم رعية محكومين لا سادة حاكمين.
وهل أتاك آخر أنبائهم ؟
لقد زينب الآن لهم أحلامهم أن يتخذوا من " الأرض المقدسة " وطنا قوميا تأوي إليه جالياتهم من أقطار الأرض، حتى إذا ما تألف منهم هنالك شعب ملتم الشمل وطال عليهم الأمد فلم يزعجهم أحد، سعوا إلى رفع هذا العار التاريخي عنهم بإعادة ملكهم القديم في تلك البلاد. وعلى برق هذا الأمل أخذ أفواج منهم يهاجرون إليها زرافات ووحدانا، وينزلون بها خفافا أو


الصفحة التالية
Icon