يكون عاصما لظنونه كلها من الخطأ في كشف وقائع الماضي مهما قدم، وأنباء المستقبل مهما بعد ؟
إن الأنبياء أنفسهم - وهم في الطبقة من الذكاء والفطنة بشهادة الكافة - لم يظفروا من الدهر بهذا العهد اقرب الحوادث اليهم فقد كانوا فيما عدا تبليغ الوحي اذا اجتهدوا رايهم فيما غاب عن مجلسهم اصابت فراستهم حينا واخطأت حينا. هذا يعقوب عليه السلام نراه يتهم بنيه حين جاءوا على قميصه بدم كذب، ثم يعود فيتهمهم حين قالوا له ان ابنك سرق، فيقول لهم في كل مرة ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل ) سورة يوسف وقد اصاب في الاولى ولكنه في الثانية اتهمهم وهم براء، وهذا موسى عليه السلام براه يقول للعبد الصالح ( ستجدني ان شاء الله صابرا ولا اعصي لك أمرا ) سورة الكهف، ثم ينسى فلا يطيق معه صبرا ولا يطيع له امرا.
وهذا محمد صلى الله عليه واله وسلم كان ربما هم الناس ان يضللوه في الاحكام، فيدافع عن المجرم ظنا انه بريء، حتى ينبئه العليم الخبير.
فان كنت في شك من ذلك فاقرا قوله تعالى ( ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ) الآيات من سورة النساء، وقد صح في سبب نزولها أن لصا عدا على مشربة لرجل من الأنصار يقال له رفاعة، فنقب مشربته وسرق ما فيها من طعام وسلاح. فلما أصبح الانصاري افتقد متاعه حتى ايقن انه في بيت بني ابيرق وكان فيهم منافقون، فبعث ابن اخيه إلى النبي يشكو اليه. فقال صلى الله عليه وعلى اله وسلم :" سانظر في ذلك ". فلما سمع بنو ابيرق جاءوا إلى النبي فقالوا :


الصفحة التالية
Icon