سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما بعد المائة من سورة الأنعام. وأما انه لم يكن له معلم من غيرهم فحسب الباحث فيه ان نحيله على التاريخ وندعه يقلب صفحات القديم منه والحديث. والإسلامي منه والعالمي، ثم نسأله هل قرأ فيه سطرا واحدا يقول إن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب لقي قبل إعلان نبوته فلانا من العلماء فجلس اليه يستمع من حديثه عن علوم الدين، ومن قصصه عن الأولين والاخرين ؟
ليس علينا نحن أن نقيم برهانا اكبر من هذا التحدي لإثبات أن ذلك لم يكن، وإنما على الذين يزعمون غير ذلك أن يثبتوا أن ذلك قد كان. فان كان عندهم علما فليخرجوه لنا إن كانوا صادقين.
لا نقول انه عليه السلام لم يلق ولم ير بعينه أحدا من العلماء هذا الشأن لا قبل دعوة النبوة ولا بعدها. فنحن قد نعرف انه رأى في طفولته راهبا اسمه بحيرا في سوق بصرى بالشام، وانه لقي في مكة نفسها عالما اسمه ورقة بن نوفل، وكان هذا على اثر مجيء الوحي العلني له قبل إعلان نبوته بثلاثين شهرا. كما نعرف انه لقي بعد إعلان نبوته كثيرا من علماء اليهود والنصارى في المدينة. ولكننا ندعى دعوى محدودة، نقول : انه لم يتلقى عن احد من هؤلاء العلماء لا قبل ولا بعد، وانه قبل نبوته لم يسمع منهم شيئا من هذه الأحاديث البتة.
اما الذي الذين لقوه بعد النبوة فقد سمع منهم وسمعوا منه. ولكنهم كانوا له سائلين وعنه اخذين، وكان هو لهم معلما وواعظا ومنذرا ومبشرا.
وأما الذين رآهم قبل فان أمر لقائه إياهم لم يكن سرا مستورا، بل كان معه في كل مرة شاهد : فكان عمه أبو طالب رفيقا له حين رأى راهب الشام، وكانت زوجه خديجة رفيقة له حين رأى ورقة. فماذا سمعه هذان الرفيقان من علوم الأستاذين ؟ هلا حدثنا التاريخ بخبر ما جرى ؟ وماله لا يحدثنا هذا