ما أسم هذا المعلم ومن ذا الذي رآه وسمعه وماذا سمع منه ومتى كان ذلك وأين كان فان كلمة (( البشر )) تصف لنا هذا العالم الذي يمشون على الأرض مطمئنين، ويراهم الناس غادين ورائحين. فلا تسمع دعواها بدون تحديد و تعيين. بل يكون مثل مدعيها كمثل الذين يخلقون الله شر كاء لا وجود لهم إلا في الخيال والوهم. فيقال له كما قيل لهم ( قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض، أم بظاهر من القول ) سورة الرعد.
بل نقول هل ولد هذا النبي في المريخ، أو نشأ في مكان قصي عن العالم ’ فلم يهبط على قومه الا بعد أن بلغ أشده واستوى، ثم كانوا بعد ذلك لا يرونه إلا إلماما ؟ ألم يولد في حجورهم ؟ الم يكن يمشي، بين أظهرهم يصبحهم ويمسيهم ؟ الم يكونوا يرونه بأعينهم في حله ؟ ( ام لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ) سورة المؤمنون.
نعم ان قومه قد طوعت لهم أنفسهم ان يقولوا هذه الكلمة ( انما يعلمه بشر ) سورة النحل ولكن هل تراهم كانوا في هذه الكلمة جادين، وكانوا يشيرون بها إلى بشر حقيقي عرفوا له تلك المنزلة العلمية ؟ كلا انهم ما كان يعنيهم ان يكونوا جادين محقين. وإنما كان همهم ان يدرءوا عن انفسهم معرة السكوت والافحام، باي صورة تتفق لهم من صور الكلام : بالصدق او بالكذب، بالجد أو باللعب.
وما أدراك من هو ذلك البشر الذي قالوا انه يعلمه ؟
أتحسب أنهم اجترءوا أن ينسبوا هذا التعليم لواحد منهم ؟ كلا فقد رأوا أنفسهم أوضح جهلا من ان يعّلموا رجلا جاءهم بما لم يعرفوا هم ولا آباؤهم


الصفحة التالية
Icon