وأبعد عن الإحالة من نسبتها إلى حداد بمكة أم ضاقت بهم الأرض فلم يجدوا أحدا أمثل منه ولا أعلم بالدين والتاريخ تالله لو أنهم وجدوا باب التعليم الخارجي أمنع سدا من سائر الأبواب وأدخل منها في معنى المكابرة التي لا تروج لما ضيقوا على أنفسهم دائرة الاتهام حتى تورطوا في هذا المحال المكشوف وافتضحوا بهذه المقالة الشوهاء هؤلاء قوم محمد ﷺ وهم كانوا أحرص الناس على خصومته وأدرى الناس بأسفاره ورحلاته وأحصاهم لحركاته وسكناته قد عجزوا كما ترى أن يعقدوا صلة علمية بينه وبين أهل العلم في عصره فما للملحدين اليوم وقد مضى نيف وثلاثة عشر قرنا انفضت فيها سوق الحوادث وجفت الأقلام وطويت الصحف لا يزالون يبحثون عن تلك الصلة في قمامات التاريخ وفي الناحية التي أنف قومه أن ينبشوها ألا فليريحوا أنفسهم من عناء البحث فقد كفتهم قريش مؤونته وليشتغلوا بغير هذه الناحية التي قضى التاريخ والمنطق على كل محاولة فيها بالفشل فإن أبوا فليعلموا أن كل شبهة تقام في وجه الحق الواضح سيحيلها الحق حجة لنفسه يضمها إلى حججه وبيناته ونعود رابعا وأخيرا فنقول لو كانت نسبة العلوم القرآنية إلى تعليم البشر من الدعاوى التي تعبر عن فكرة أو شبهة قائمة بنفس صاحبها لوقف عندها الطاعنون ولم يجاوزوها ذلك لأن العقل إذا خلي ونفسه في تعليل تلك المفارقة الكلية بين ماضي الحياة المحمدية وحاضرها أعني ما قبل النبوة وما بعدها لم يسعه إلا الحكم بأن هذا العلم الجديد وليد تعليم جديد وإذ لا عهد للناس بمعلمين في الأرض من غير البشر كان أول ما يخطر بالبال واقعية أو ممكنة تجعل له شيئا من الاقتناع بهذا العليل فيما بينه وبين نفسه لما رضي به بديلا ولما عدل عنه إلى تعليل آخر أيا كان لكن


الصفحة التالية
Icon