ذلك هو مبلغ العلم في وصف هذه القوة الغيبية حسبما يهدي إليه البحث العقلي السليم وليس بالمؤمن المقتصد حاجة إلى أكثر من هذا القدر في إرضاء شهوته العلمية ولا في تثبيت عقيدته الدينية فمن شاء المزيد من وصفها وحليتها فليس سبيله الرجوع إلى دلالات العقول وإنما سبيله الرجوع إلى النقل الصحيح عن مهبط سرها ومظهر نورها صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو وحده الذي يستطيع أن يتحدث عن صاحب هذا السر حديث شاهد العيان الذي رأى شخصه وسمع صوته بل حديث التلميذ الذي جلس إلى أستاذه غير مرة فأما الذي يؤمن بالغيب سيؤمن بهذا الحديث عنه وإن لم يره لأنه رأى أثره ولأنه يؤمن بمن أخبره وأما الجاهلون الذين أوتوا قليلا من علم ظاهر الحياة فظنوا أنهم أحاطوا بكل شيء علما فإنهم سيكذبون بكل ما لم يحيطوا بعلمه وسيقولون لك لعله اضطراب في أعصاب البصر خيل إليه أنه يرى شيئا من لا شيء وأنت فاستعذ بالله من عمى القلوب والعيون وقل كلا ما زاغ البصر وما طغى سورة النجم أو يقولون لعله اضطراب في قوى الفكر صور له المعاني أشباحا ماثلة والأحلام حقائق مجسمة فابرأ إلى الله من هذا الجنون وقل كلا ما كذب الفؤاد ما رأى نعم لقد عجبوا أن يكون إنسان يرى الملائكة عيانا ويكلمهم جهارا بل عجبوا أن يكون في الدنيا خلق لا يرونه بأعينهم وصوت لا يسمعونه بآذانهم فقالوا كيف يرى محمد ما لا نرى ويسمع ما لا نسمع ولعمري لنحن أحق أن نعجب من هذا العجب فإننا نفهم أنه لو


الصفحة التالية
Icon