القرآن معجزة لغوية من كان عنده شيء من الشك في هذه القضية فليأذن لنا أن نستوضحه فيم ذلك الشك هل حدثته نفسه بأنه هو يستطيع أن يأتي بكلام في طبقة البلاغة القرآنية أم هو قد عرف من نفسه القصور عن تلك الرتبة ولكنه لم يعرف عن الناس ما عرف من نفسه أم علم أن الناس جميعا قد سكتوا عن معارضة القرآن ولكنه لم يعلم أن سكوتهم عنه كان عجزا ولا أن عجزهم جاء من ناحية القرآن ذاته أم علم أنهم قد عجزوا عنه وأنه هو الذي أعجزهم ولكنه لم يعلم أن أسلوبه كان من أسباب إعجازه أم هو يوقن بأن القرآن الكريم كان وما زال معجزة بيانية لسائر الناس ولكنه لا يوقن بأنه كان معجزا كذلك لمن جاء به أم هو يؤمن بهذا كله ولكنه لا يدري ما أسراره وما أسبابه هذه وجوه ستة لكل وجه منها علاج يخصه وسنعالجها على هذا الترتيب فأما إن كان مثار الشبهة عنده أنه زاول شيئا من ثناعة الشعر أو الكتابة وآنس من نفسه اقتدارا في البيان فوسوس له شيطان الإعجاب بنفسه والجهل بالقرآن أنه يستطيع الإتيان بمثل أسلوبه فذلك ظن لا يظنه بنفسه أحد من الكبار المنتهين وإنما يعرض إن عرض للأغرار الناشئين